و"أُمِّيَّةٌ" أي: باقون عَلَى ما ولدت عليه الأمهات لا نكتب ولا نحسب، أو نسبة إلى الأم وصفتها؛ لأَن هذِه صفات النساء غالبًا.
وقال الرشاطي: يعني نسبوا إلى ما عليه أمة العرب، وكانوا لا يكتبون، وقيل له: أمي نسبة إلى أم القرى مكة، وجعله الله أميًا خشية أن يرتاب المبطلون، إنما يسمع وحيًا فيبلغه ولم يأخذ عن كتب
الأمم قبلنا، ولا بحساب نجوم.
وقال:"أمّةٌ أُمِّيَّةٌ" لم تأخذ عن كتب الأمم قبلها، إنما أخذته عما جاء به الوحي من الله.
ومعنى:"لَا نَحْسُبُ" وهو بضم السين أي: لم نكلف في تعريف
مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتاب، إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة، يستوي في معرفة ذَلِكَ الحساب وغيرهم، ثم تمم هذا المعنى بإشارته بيده ولم يلفظ بعبارة عنه نزولًا إليها بما يفهمه الخرس والعجم، وحصل من إشارته بيده أن الشهر يكون ثلاثين، ومن خنسِه إبهامه في الثالثة أنه يكون تسعًا وعشرين.
وعلى هذا أن من نذر أن يصوم شهرًا غير معين فله أن يصوم تسعًا وعشرين؛ لأن ذَلِكَ يقال له: شهر، كما أن من نذر صلاة أجزأه من ذَلِكَ ركعتان؛ لأنه أقل ما يصدق عليه الاسم، وكذا من نذر صومًا فصام يومًا أجزأه، وهو خلاف ما ذهب إليه مالك، فإنه قَالَ: لا يجزئه إذا صامه
بالأيام إلا ثلاثون يومًا، فإن صامه بالهلال فعلى الرؤية.
وفيه: أن يوم الشك من شعبان.
وقال المهلب: في الحديث بيان لقوله: "اقْدُرُوا لَهُ" أن معناه إكمال العدد ثلاثين يومًا كما تأول الفقهاء، ولا اعتبار في ذَلِكَ بالنجوم