للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الطحاوي: جعل حديث أم سلمة وعائشة ناسخين لحديث أبي هريرة أخف؛ لأن النسخ إذا كان لغير عقوبة فهو رحمة، ورد الأغلظ إلى الأخف (١).

وقال بعض العلماء: كان ذَلِكَ في أول الإسلام في الوقت الذي كان الحكم فيه أن الصائم إذا نام بالليل حرم عليه الأكل والشرب والجماع أن يمتد ذَلِكَ إلى طلوع الفجر، فيكون تأويل قوله: "من أصبح جنبًا" أي: من جامع في الصوم بعد النوم فلا يجزئه صوم سائره؛ لأنه لا يصبح جنبًا إلا وله أن يطأ قبل الفجر.

وقال الخطابي وابن المنذر: أحسن ما سمعت في خبر أبي هريرة أنه منسوخ؛ لأن الجماع كان محرمًا عَلَى الصائم بعد النوم، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم (٢).

وقال ابن التين: يحتمل أن يكون الفضل سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يفطر" فسقط عنه: "لا".

وجواب آخر، وهو: يحتمل أن يريد: من أصبح مجامعًا، فعبر بالجنابة عن الجماع لما كان سببًا لها، أو يكون أنزل ولم يتم إنزاله حَتَّى طلع الفجر وهو ينزل، فهذا جنب في الحقيقة، قَالَ: وقيل: إن سنده مضطرب؛ لأنه رواه مرة أخرى عن غير الفضل.

قَالَ الحازمي: أما الشافعي فذهب إلى معنى الترجيح وقال: نأخذ بحديث زوجتيه دون ما روى أبو هريرة لمعان، منها: أنهما أعلم بهذا من


(١) "شرح معاني الآثار" ٢/ ١٠٥ - ١٠٦.
(٢) عن قول الخطابي انظر: "أعلام الحديث" ٢/ ٩٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>