للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا تقرر ذَلِكَ: فاتفق العلماء على أن صوم عاشوراء اليوم سنة وليس بواجب، واختلفوا في حكمه أول الإسلام، فقال أبو حنيفة: كان واجبًا، وهو وجه لأصحابنا والأشهر المنع ولم يكن واجبًا قط في هذِه الأمة، ولكنه كان متأكد الاستحباب فلما نزل صوم رمضان صار مستحبًّا دون ذَلِكَ الاستحباب، ونقل عياض عن بعض السلف أن فريضته الآن باقية، وانقرض القائلون بذلك، وحصل الإجماع

على أنه ليس بفرض إنما هو مستحب، وروي عن ابن عمر كراهية قصد صومه وتعيينه بالصوم (١)، وهو ما في "المحيط" عن أبي حنيفة، والعلماء مجمعون على استحبابه وتعيينه. وحديث عائشة دال على أنه رد إلى التطوع، وحديث سلمة دال على وجوبه أو تأكده، وحديث ابن عباس دال على أن صومه شكرًا في إظهار موسى على عدوه فرعون فدل ذَلِكَ على الاحتياط لا على الفرض، وعلى مثل ذَلِكَ دل حديث ابن عمر ومعاوية، وفي أمر الشارع إياهم بصومه بعد أن أصبحوا دليل على أن من كان في يوم عليه صومه بعينه ولم يبيت النية أنه يجوز أن ينوي صومه بعدما أصبح إذا كان ذَلِكَ قبل الزوال، وقد سلف ما فيه.

واختلفت الآثار أي يوم هو عاشوراء؟ فعند الترمذي مصححًا عن ابن عباس: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوم عاشوراء اليوم العاشر (٢)، وتقدم قول ابن عباس في "مسلم" وأنه اليوم التاسع (٣)، وقد بين ذَلِكَ


(١) "إكمال المعلم" ٤/ ٧٨ - ٧٩.
(٢) الترمذي (٧٥٥) وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (٦٠٣).
(٣) مسلم (١١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>