للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: سبحان الله إنما سمعت شيئًا فأحببت أن أتثبت (١)، وفي أبي داود: فقال عمر لأبي موسى: إني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد (٢). وفي "الموطأ": أما إني لم أتهمك، ولكن خشيت أن يتقول الناس عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وقال ابن عبد البر: عن بعضهم في هذا الحديث: كلنا سمعه، وقد رواه قوم عن أبي سعيد عن أبي موسى: وإنما هو من النقلة لاختلاط الحديث عليهم ودخول قصة أبي سعيد مع أبي موسى في ذَلِكَ، كلهم يقولون: عن أبي سعيد في قصة أبي موسى (٤).

ولم يخف عَلَى عمر أصل الاستئذان فإنه ثابت بنص القرآن، وإنما خفي عليه تثليث الاستئذان فطلب تأكيده.

وفيه: إيجاب الاستئذان، والاستئناس وهو الاستئذان أيضًا في قوله تعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} [النور: ٢٧] الآية. وقال بعضهم: تثليث الاستئذان مأخوذ من قوله تعالى: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: ٥٨] أي: ثلاث دفعات، فورد القرآن في المماليك والصبيان، والسنة في الجميع.

قَالَ أبو عمر: وهذا وإن كان له وجه فإنه غير معروف عن العلماء في تفسير الآية الكريمة، والذي عليه جمهورهم في قوله: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: ٥٨] أي: ثلاثة أوقات، ويدل عَلَى صحة هذا القول ذكره فيها {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ} [النور: ٥٨] الآية (٥).

وفيه: أن الرجل العالم قد يوجد عند من هو دونه في العلم ما ليس عنده، إذا كان طريق ذَلِكَ العلم السمع، وإذا جاز هذا عَلَى عمر فما


(١) مسلم (٢١٥٣) كتاب: الأدب، باب: الاستئذان.
(٢) أبو داود (٥١٨٣).
(٣) "الموطأ" ص ٥٩٧.
(٤) "التمهيد" ٣/ ١٩١.
(٥) "التمهيد" ٣/ ١٩١ - ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>