للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (حتى استقرت): أي سكنت، من قر يقر، إذا سكن. وفيه معنى آخر أي: قل صوتها شيئًا فشيئًا حتى سكنت.

وفيه: أن الأشياء التي لا روح لها تعقل، إلا إنها لا تتكلم حتى يؤذن لها. وإنما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يقبل هدايا أصحابه ويأكل معهم ويستوهب منهم؛ لأنه أب لهم رحيم بهم رفيق. وأطيب

ما أكل الرجل من كسب يده وولده من كسبه.

ومنه قول لوط صلوات الله وسلامه عليه: {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي} [هود: ٧٨] أي: أيامى نساء أمتي، قاله مجاهد (١)، وهو حسن، أو كان في شرعه تزويج الكافر المسلمة، أو هؤلاء بناتي إن أسلمتم. وقال عكرمة: أراد انصرافهم ولم يعرض عليهم شيئًا لا بناته ولا بنات أمته.

وقوله {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: ٦١]، ولم يذكر بيوت الأبناء؛ لأنها داخلة في بيوتكم.

وفيه: المطالبة بالوعد، والاستنجاز فيه، وتكليف سيد العبد ما يفعله العبد، ولا يسأل عن طيب نفس العامل بما علم وكلام ما لا يعرف له كلام: الجمادات وشبهها كما سلف، وكانت هذِه آية معجزة أراد الله تعالى أن يريها عباده ليزدادوا إيمانًا، وما جرى على مجرى الإعجاز فهو خرق للعادات.

قال ابن بطال: وأما نحن بيننا فلا يجوز كلام الجمادات إلينا (٢).

قلت: لا امتناع في ذلك.


(١) رواه الطبري ٧/ ٨٢ - ٨٣ (١٨٣٨٩ - ١٨٣٩٠)، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٦٢ (١١٠٨٨).
(٢) "شرح ابن بطال" ٦/ ٢٢٦ - ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>