الرابعة: جواز مكاتبة الكفار، وقد كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعة من الملوك فيما قاله الداودي: هرقل، وكسرى، والنجاشي، والمقوقس، وملك غسان، وهوذة بن علي، والمنذر بن ساوى.
وقال ابن هشام: حدثني من أثق به عن أبي بكر الهذلي قَالَ: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب ذات يوم بعد عمرته التي صُدَّ عنها يوم الحديبية فقال:"أيُّها الناسُ، إنَّ الله بعثني رحمةً وكافةً، فلا تختلفوا عليَّ كما اخْتَلَفَ الحواريونَ عَلَى عيسى ابن مريم" فقال أصحابه: وكيف اختلفوا؟ فقال:"دعاهم إلى الذي دعوتُكم إليه، فأمَّا مَنْ بعثه إليه مبعثًا قريبًا فرضي وسلَّم، وأما مَنْ بعثه مبعثًا بعيدًا فكَرِه وجهه وتثاقل؛ فشكا ذَلِكَ عيسى -عليه السلام- إلى الله سبحانه وتعالى، فأصبح المتثاقلون وكل واحد منهم يتكلم بلغة الأُّمَّة التي بُعِثَ إليها"
فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسلًا من أصحابه، وبعث معهم كتبًا إلى الملوك يدعوهم فيها إلى الإسلام، بعث دحية إلى قيصر ملك الروم، وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس، وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة، وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية، وبعث عمرو بن العاص السهمي إلى ابني (١) الجُلُنْدى الأزديين ملكي عَمَّان، وبعث سليط بن عمرو إلى ثمامة بن أثال وهوذة بن علي ملكي اليمامة، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن سَاوى ملك البحرين، وبعث شجاعًا الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام، وبعث شجاع بن وهب إلى جبلة بن الأيهم، وبعث المهاجر بن
(١) هما جَيْفَر وعياذ، كما في "سيرة ابن هشام" ٤/ ٢٧٩.