للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن ما كان خارجًا عن السوق في الحاضرة أو قريبًا منها بحيث يجد من يسأله عن سعرها أنه لا يجوز الشراء هنالك؛ لأنه داخل في معنى التلقي، وأما الموضع البعيد الذي لا يقدر فيه على ذلك فيجوز فيه البيع وليس بتلقٍ، قال مالك: وأكره أن يشتري في نواحي العصر حتى يهبط السوق (١)، وهذا أسلفناه في الباب الماضي.

قال ابن المنذر: وبلغني هذا القول عن أحمد وإسحاق أنهما نهيا عن التلقي خارج السوق ورخصا في ذلك في أعلاه، واحتجا بحديث مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه - عليه السلام - نهى عن تلقي السلع حتى يهبط بها الأسواق (٢).

ومذاهب العلماء في حد التلقي متقاربة، روي عن يحيى بن سعيد أنه قال: في مقدار الميل من المدينة أو آخر منازلها، هو من تلقي البيوع المنهي عنه.

وروى ابن القاسم عن مالك أن الميل من المدينة تلقٍ، قيل له: فإن كان على ستة أميال؟ قال: لا بأس بالشرى وليس بتلقٍ. وروى أشهب عنه في (الصحانين) (٣) الذين يخرجون إلى الأجنة فيشترون الفاكهة قال: ذلك تلقٍ، وقال أشهب: لا بأس به، وليس ذلك بتلقٍ؛ لأنهم يشترون في مواضعه من غير جالب. وقال ابن حبيب: لا يجوز ذلك في الحضر أن يشتري ما مرَّ به من السلع، وإن كان على بابه إذا كان لها مواقف في السوق تباع فيها، وهو متلقٍّ إن فعل ذلك، وما لم يكن


(١) "النوادر والزيادات" ٦/ ٤٤٥.
(٢) انظر قول الإمام أحمد في "المغني" ٦/ ٣١٥.
(٣) كذا بالأصل، ولم أقف لها على معنى، ولعلها كانت تطلق على تجار الفاكهة آنذاك!

<<  <  ج: ص:  >  >>