للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفاضلة، رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال: ما كان ربا قط في هات وهات. ورواية عن (ابن عمر) (١) وهو قول عكرمة وشريح. واحتجوا بظاهر حديث أسامة، فدل أن ما كان نقدًا فلا بأس بالتفاضل فيه، وخالف جماعة العلماء بعدهم هذا التأويل، وقالوا: قد عارض ذلك حديث أبي سعيد الخدري، وحديث أبي بكرة (٢)، وقد أنكره أبو سعيد عليه كما سلف، فهذِه السنن الثابتة لا تأويل لأحد معها، فلا معنى لما خالفها، وقد تأول بعض العلماء: "لا ربا إلا في النسيئة" أنه خرج على جواب سائل سأل عن الربا في الذهب بالورق والبر بالتمر أو نحو ذلك مما هو جنسان، فقال - عليه السلام - "لا ربا إلا في النسيئة" فسمع أسامة كلامه ولم يسمع السؤال فنقل ما سمع.

وقال الطبري: المراد به الخصوص، ومعناه: لا ربًا إلا في النسيئة إذا اختلفت أنواع المبيع، فأما إذا اتفقت فلا يصلح بيع شيء منه من نوعه إلا مثلًا بمثل، والفضل فيه يدًا بيد ربًا، وقد قامت الحجة ببيانه - عليه السلام - في الذهب والفضة وعكسه، والحنطة بالتمر نَسَاءً أنه لا يجوز متفاضلًا

ولا مثلًا بمثل فعلمنا أن قوله "لا ربا إلا في النسيئة" هو فيما اختلفت أنواعه دون ما اتفقت.

وفيه: مناظرة العالم للعالم وتوقيفه على معنى قوله، ورده من الاختلاف إلى الإجماع، وإقرار الصغير للكبير بفضل المتقدم؛ لقول ابن عباس لأبي سعيد: أنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني.


(١) في الأصل: (عكرمة)، والمثبت من "شرح ابن بطال" ٦/ ٣٠٢.
(٢) سلف قريبًا برقم (٢١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>