للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينظروا إلى ذلك فيبطلوا به البيع، بل نظروا إلى حاله في وقت وقوع البيع، فالنظر أن يكون التمر بالرطب كذلك (١). ولا يسلم الإجماع له ثم هو قياس فاسد، فقد يعفي عن اليسير لقلته، وقد جوز في الشرع يسير الغرر؛ لأنه لا يكاد يخلو منه، ونقصان الرطب بالتمر له مال وقيمة، فافترقا لذلك.

وحديث الباب حجة للجماعة، فإن التمر هو الرطب، وكأنه نهى عن بيع الرطب بالتمر على النخل، ومقطوعًا على عموم اللفظ، ويدل على ذلك الحديث السالف: "أينقص الرطب إذا يبس؟ " قالوا: نعم، قال: "فلا إذن" (٢) فنهى عنه فصار كأنه نهى عن الرطب بالتمر، ولم يخف عنهم ذلك، وإنما سألهم على سبيل التقرير لهم، حتَّى إذا تقرر ذلك عندهم نهاهم عنه، فصار كأنه نهاهم، وعلله فقال: لا يجوز بيع التمر بالرطب؛ لأنه ينقص إذا يبس، فسواء كان الرطب في النخل أو في الأرض إذا بيع بتمر مجهول، فإنه يكون مزابنة، يقال للكوفيين: يلزمكم التناقض في منعكم بيع الحنطة بالدقيق وبيعها بالسويق، والمماثلة بينهما أقرب من المماثلة بين التمر والرطب؛ وأجاز مالك والليث الدقيق بالحنطة مثلًا بمثل، وقول الشافعي كقول الكوفي (٣).


(١) "شرح معاني الآثار" ٤/ ٧.
(٢) رواه أبو داود (٣٣٥٩)، والترمذي (١٢٢٥) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، وهو قول الشافعي وأصحابنا، والنسائي ٧/ ٢٦٩، وابن ماجه (٢٢٦٤)، ومالك في "الموطأ" ص ٣٨٦، وصححه الألباني في "الإرواء" ٥/ ١٩٩ (١٣٥٢) وتقدم تخريجه.
(٣) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٣٨ - ٣٩، "شرح ابن بطال" ٦/ ٣٢٧ - ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>