للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذ أقر الشارع سلمان عند مالكه من الكفار، فلم يَزُل ملكه عنه، وأمره أن يكاتب، وقد كان حرًّا، وأنهم ظلموه وباعوه، ولم ينقض ذلك ملك مالكه، وكذلك كان أمر عمَّار وصهيمب وبلال، باعوهم مالكوهم الكفار من مسلمين، واستحقوا أثمانهم، وصاروا ملكًا لهم، ألا ترى أن إبراهيم قبل هبة الملك الكافر (١)، وأن عبد بن زمعة قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هذا ابن أمة أبي، ولد على فراشه)، فأثبت لأبيه أمةً وملكًا عليها في الجاهلية، فلم ينكر ذلك.

وسماعه الخصام في ذلك دليل على تنفيذ عهد المشرك والحكم به أن يحتكم فيه للمسلمين، ولذلك جوز - عليه السلام - عتق حكيم بن حزام وصدقته في الجاهلية، ونبه على عتق القرابة بحكم الشارع في قضائه لأحدهما في قصة سعد، بناء على أن من ملك ذارحم محرم فهو حرٌّ.

فإن قلت: كيف جاز لليهودي ملك سلمان وهو مسلم، ولا يجوز للكافر ملك مسلم؟ قلت: أجاب عنه الطبري بأن حكم هذِه الشريعة: أن من غلب من أهل الحرب على نفس غيره أو ماله، ولم يكن المغلوب على ذلك ممن دخل في الإسلام، فهو لغالبه ملكًا، وكان سلمان حين غلب على نفسه لم يكن مؤمنًا، وإنما كان إيمانه إيمان تصديق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث مع إقامته على شريعة عيسى، فأقره - عليه السلام - مملوكًا لمن كان في يده، إذ كان حكمه - عليه السلام -: أن من أسلم من رقيق المشركين في دار الحرب ولم يخرج مراغمًا لسيده فهو لسيده، أو كان سيده من أهل صلح المسلمين فهو مملوك لمالكيه (٢).


(١) في هامش الأصل: إنما وهبها لسارة.
(٢) "شرح ابن بطال" ٦/ ٣٤٢ - ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>