للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن الجوزي: على هذا الحديث إشكال ما زال يختلج في صدري، وهو أن يقال ما معنى توريته - عليه السلام - على الزوجة بالأخت، ومعلوم أن ذكرها بالزوجية أسلم لها؛ لأنه إذا قال: هذِه أختي، قال زوجنيها، وإذا قال: هذِه امرأتي سكت هذا إن كان الملك يعمل بالشرع، فأما إذا كان كما وصف من جوره فما يبالي أكانت زوجة أو أختًا إلى أن وقع لي أنَّ القوم كانوا على دين المجوس، وفي دينهم أنَّ الأخت إذا كانت زوجة كان أخوها الذي هو زوجها أحقَّ بها من غيره، فكأن إبراهيم أراد أن يستعصم من الجبار بذكر الشرع الذي يستعمله، فإذا هو جبار لا يراعي جانب دينه.

قال: واعترض على هذا بأن الذي جاء بمذهب المجوس زرادشت، وهو متأخر عن هذا الزمن.

والجواب: أن لمذهب القوم أصلًا قديمًا ادعاه زرادشت، وزاد عليه خرافات أخر، وقد كان نكاح الأخوات جائزًا من زمن آدم، ويقال: إن حرمته كانت على لسان موسى، قال: ويدل على أن دين المجوس له أصل ما رواه أبو داود أنه - عليه السلام - أخذ الجزية من مجوس هجر (١) (٢)، ومعلوم أن الجزية لا تؤخذ إلا ممن له كتاب أو شبهة كتاب، ثم سألت عن هذا بعض علماء أهل الكتاب فقال: كان من مذهب القوم: أن من له زوجة لا يجوز أن تتزوج إلى أن يهلك زوجها، فلما


(١) أبو داود (٣٠٤٣) عن عبد الرحمن بن عوف.
وهو في البخاري برقم (٣١٥٦، ٣١٥٧) كتاب: الجزية والموادعة، باب: الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب.
(٢) ورد في هامش الأصل: أو في "صحيح البخاري". اهـ.
قلت: انظر الهامش السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>