أحدها: أن يكون قوله: "نحن أكثر عملًا وأقل عطاء" من قول اليهود خاصة، ويكون من قول النصارى:"نحن أقل عطاء"، وإن كانوا متقاربين مع المسلمين في العمل، فيكون الحديث على العموم في اليهود، وعلى الخصوص في النصارى.
وقد يأتي في الكلام إخبار عن جملة، والمراد بعضها، كقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢)} [الرحمن: ٢٢] وإنما يخرج من الملح خاصة، ومثله:{فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا}[الكهف: ٦١]، والناسي كان يوشع وحده، يدل على ذلك قوله لموسى:{فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ}[الكهف: ٦٣]
ثانيهما: أنه عام فيهما على أن كل طائفة منهما أكثر عملًا وأقل عطاءً، فعملت النصارى إلى صلاة العصر، وليس فيه أنه إلى أول وقته، فنحمله على أنها عملت إلى آخر وقته، قاله ابن القصار.
ثالثها: أن نصف النهار وقت الزوال، وهو في آخر السادسة، والعصر في أول العاشرة، بعد مضي شيء يسير منها، فزادت المدة التي بين الظهر إلى العصر على المدة التي بين العصر إلى الليل بمقدار ما بين آخر الساعة التاسعة وأول العاشرة، وإن كان ذلك القدر لا يتبينه كثير من الناس، وهي زيادة معلومة بالعمل.
واستدل به أبو حنيفة على أن آخر وقت الظهر يمتد إلى مصير الظل مثليه؛ لأنه جعل زمننا قدر ما بين العصر إلى الغروب، وهو أقل من الربع؛ لأنه لم يبق من الدين ربع الزمان، وقد قال - عليه السلام -: "بعثت أنا