للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و (حاك) بالحاء المهملة، وفتح الكاف المخففة: ما يقع في القلب، ولا ينشرح له صدره، وخاف الإثم فيه، يقال فيه: حاك يحيك، وحك يحك، وأحاك يحيك، وفي "صحيح مسلم" من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم فقال: "البرُّ حُسْنُ الخُلق، والإثمُ ما حاكَ في نفسِكَ، وكرهتَ أن يطلعَ عليه الناسُ" (١) فالذي يبلغ حقيقة التقوى تكون نفسه متيقنة الإيمان سالمة من الشكوك. وعبّر هنا بالصدر عن النفس والخلد.

وقولهم: ({شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: ١٣]): أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وإيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا) معناه أن هذا الذي تظاهرت عليه أدلة الكتاب والسنة من زيادة الإيمان ونقصه، هو شرع الأنبياء قبل نبينا كما هو شرع نبينا؛ لأن الله تعالى قال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} الآية. ويقال: جاء نوح بتحريم الحرام وتحليل الحلال (٢)، وهو أول من جاء من الأنبياء بتحريم الأمهات والبنات والأخوات، ونوح أول نبي جاء بعد إدريس -عليه السلام-.

وقوله في: ({شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، سبيلًا وسنة.

{دُعَاؤُكُمْ} إيمانكم): يعني: أن ابن عباس فسر قوله تعالى: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} بسبيل وسنة، وفسر قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: ٧٧]، قال المراد بالدعاء: الإيمان، فمعنى (دعاؤكم): إيمانكم.

قال ابن بطال: {لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} الذي هو زيادة في إيمانكم (٣).


(١) مسلم (٢٥٥٣) كتاب البر والصلة والآداب، باب: تفسير البر والإثم.
(٢) رواه الطبري ١١/ ١٣٥ (٣٠٦٣٥) عن قتادة.
(٣) "شرح ابن بطال" ١/ ٦١.