ويجوز للحجام أن يأكل من كسبه، وكذا سيده، وقد سلفت مذاهب العلماء فيه، وإن كنا لا نحبه؛ لأنها صنعة رذيلة؛ قال الطحاوي: وفي إباحة الشارع أن يطعمه رقيقه وناضحه دليل أنه ليس بحرام، ألا ترى أن المال الحرام الذي لا يحل للرجل أكله لا يحل له أن يطعمه رقيقه ولا ناضحه، فثبت بذلك نسخ ما تقدم من نهيه، وهو النظر عندنا؛ لأنا رأينا الرجل يستأجر الرجل يقصد له عرقًا أو ينزع له ضرسًا، فيجوز ذلك، فكذلك تجوز الحجامة (١).
وقال غيره: والدليل عليه قوله تعالى: {قُوَا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُو نَارًا}[التحريم: ٦] أي: جنبوهم ما يقول إليها مما يؤدي إلى سخطه، وذلك فُرِضَ على المخاطبين بهذِه الآية، وقولهم: إنها صنعة رذيلة، فليست بأدنى من صنعة الكناس الذي ينقل الحش. وليست بحرام، فكذا هو، ولا نسلم أن الخبيث هو الحرام، بل قد يقع على الحلال قال تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}[البقرة: ٢٦٧] وكانوا يتصدقون بالحشف ورديء التمر فنزلت الآية.