للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الحديث خلاف قوله؛ لأنه - عليه السلام - أمر أصحابه أن يقضوا عنه السنن التي كانت عليه، وذلك توكيل منه لهم على ذلك، ولم يكن - عليه السلام - غائبًا، ولا مريضًا، ولا مسافرًا.

وعامة الفقهاء يجيزون توكيل الحاضر الصحيح وإن لم يرض خصمه بذلك على ما دل عليه هذا الحديث، وهو قول ابن أبي ليلى والشافعي (١) ومالك وأبي يوسف ومحمد، إلا أن مالكًا قال: يجوز ذلك وإن لم يرض خصمه إذا لم يكن الوكيل عدوًّا للخصم، وقال سائرهم: يجوز ذلك وإن كان عدوًّا للخصم.

وعن أبي حنيفة أن الوكالة في الخصومة لا تقبل من خاصم في المصر صحيح إلا أن يرضى خصمه، وقالا: التوكيل صحيح بدون رضا الخصم، وأما المريض الذي لا يقدر على الحضور والخصومة فيجوز توكيله وكذا الغائب على مسافة القصر، والمرأة كالرجل، بكرًا كانت أو ثيبًا وبعض شيوخ الحنفية استحسن أنها توكل إذا كانت غير برزة (٢).

ونقل الطحاوي اتفاق الصحابة على جواز ما سلف، فروى أن علي بن أبي طالب وكل عقيلًا عند أبي بكر، فلما أسن عقيل، وذكر عبد الله بن جعفر، فخاصم عبد الرحمن بن جعفر طلحة في ضفيرة أحدثها عليّ عند عثمان، وأقر ذلك عثمان، فصار إجماعًا. وقال


(١) انظر: "المجموع" ١٤/ ١٦٦.
(٢) انظر: "مختصر الطحاوي" ص ١٠٨، "البحر الرائق" ٧/ ٢٤٣ - ٢٤٦، "الكافي" ٣٩٤، "عيون المجالس" ٤/ ١٦٨٣ - ١٦٨٤، "القوانين الفقهية" ص ٣٢٢، "روضة الطالبين" ٤/ ٢٩٣، "الشرح الكبير" ١٣/ ٥٢٩، "الفروع" ٧/ ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>