للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ("فاستنت شرفًا أو شرفين") أي: أفلتت فمرحت، والاستنان تفعل من السنن وهو القصد، وقيل: معناه: لجت في عدوها إقبا لًا وإدبارًا. وقيل: إنه يختص بالجري إلى فوق. وقيل: هو النشاط والمرح. وفي "البارع": هو كالرقص. وقيل: استنت: رعت، وقيل: الجري بغير فارس.

وقال الداودي: استنت: علت وهذا لم يقله غيره، والشرف بفتح الشين المعجمة والراء: ما أشرف من الأرض وارتفع.

وقوله: ("فشربت منه ولم يرد أن يسقي")، هذا من باب التنبيه؛ لأنه إذا كان تحصل له هذِه الحسنات من غير أن يقصد سقيها، فإذا قصد وأوفى بأضعافها، ولا يريد به أن يمنعها من شرب يضرُّ بها أو به إذا

احتسبت للشرب بفوته ما يؤمله أو إدراك ما يخافه (١): أو لأنه كره أنها تشرب من ماء غيره بغير إذن.

قال الداودي: فيه دلالة أن يسقي إذا أراد. (والنهر) بفتح الهاء وإسكانها لغتان فصيحتان ذكرهما ثعلب في "فصيحه" (٢)، والفتح أفصح كما قاله القزاز والهروي. قال ابن خالويه: والأصل فيه التسكين، وإنما جاز فتحه؛ لأن فيه حرفًا من حروف الحلق قال وحروف الحلق إذا وقعت آخر الكلام فتح وسطها، وإذا وقعت وسطًا فتحت نفسها. وعند اللبلي (٣) قال بعضهم: لأنه حرف استعلاء وفتح


(١) هكذا في الأصل، والكلام غير مستقيم، وانظر: "المفهم" ٣/ ٢٩، "عمدة القاري" ١٠/ ٢٢٦.
(٢) "فصيح ثعلب" ص ٤٥.
(٣) هو أبو جعفر أحمد بن يوسف الفهري، توفي بتونس سنة ٦٩١ ص، وله "تحفة المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح". قال ابن الحنائي: لم تكتحل عين الزمان بمثله في تحقيقه وغزارة فوائده. انظر: "نفح الطيب" ٢/ ٢٠٨، "كشف الظنون" ٢/ ١٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>