ثانيًا (١) في الإفاقة، وحمل بعض الناس أن الصعقة في الموقف، ومن استثنى هم الشهداء وهو بعيد أن يصعق الرسل في الموقف، والله تعالى أمنهم فيه حيث قال:{وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}[النمل: ٨٩] ويستحيل أن يصعق الأنبياء ولا يصعق الشهداء.
وقال عبد الملك في قوله:"أو كان ممن استثنى الله" إشكال ولا يدرى ممن قال الله أم لا؛ لأن هذا هو الصعق الأول وهو الذي استثنى الله فيه، وأما صعق البعث فلا استثناء فيه والنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه صعق البعث.
وقوله: صعق البعث غير بين؛ لأن النفخة الثانية لا تسمى صعقة وإنما تسمى صعقة الأولى.
(١) قال الحافظ في "الفتح" ٦/ ٤٤٥: وأغرب الداودي الشارح فقال: معنى قوله "استثنى الله" أي جعله ثانيًا، كذا قال، وهو غلط شنيع. وقد وقع في مرسل الحسن في "كتاب البعث" لابن أبي الدنيا في هذا الحديث فلا أدري أكان ممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة أو بعث قبلي وزعم ابن القيم في "كتاب الروح" أن هذِه الرواية وهو قوله "أكان ممن استثنى الله" وهم من بعض الرواة، والمحفوظ "أو جوزي بصعقة الطور" قال: لأن الذين استثنى الله قد ماتوا من صعقة النفخة لا من الصعقة الأخرى، فظن بعض الرواة أن هذِه صعقة النفخة وأن موسى داخل فيمن استثنى الله، قال: وهذا لا يلتئم على سياق الحديث، فإن الإقامة حينئذ هي إفاقة البعث فلا يحسن التردد فيها، وأما الصعقة العامة فإنها تقع إذا جمعهم الله تعالى لفصل القضاء فيصعق الخلق حينئذ جميعًا إلا من شاء الله، ووقع التردد في موسى- عليه السلام -. قال: ويدل على ذلك قوله "وأكون أول من يفيق" وهذا دال على أنه ممن صعق، وتردد في موسى هل صعق فأفاق قبله أم لم يصعق؟ قال: ولو كان المراد الصعقة الأولى للزم أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - جزم بأنه مات، وتردد في موسى هل مات أم لا، والواقع أن موسى قد كان مات لما تقدم من الأدلة، فدل على أنها صعقة فزع لا صعقة موت، والله أعلم.