للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أجل ذلك. حجة النافي أنه مدع، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي" (١) وأجاب الأولون: بأن ذلك إذا لم يكن فيه ذكر صفة وكان يدعيه لنفسه، واختلفوا إذا جاء يصفها ودفعها إليه، ثم جاء آخر فأقام بينة أنها له، فقال ابن القاسم: لا يضمن الملتقط شيئًا (٢)؛ لأنه فعل ما وجب عليه وهو أمين، فتقسم بينهما كما يحكم في نفسين ادعيا شيئًا وأقاما بينة. وقال أشهب: إذا أقام الثاني البينة حكم له بها على الذي أخذها بالعلامة (٣).

وقال أبو حنيفة والشافعي: إذا أقام الثاني البينة فعلى الملتقط الضمان، وقول ابن القاسم أولى كما قال ابن بطال؛ لأن الضمان لا يلزم فيما سبيله الأمانة، ولا خلاف عن مالك وأصحابه أن الثاني إذا أتي بعلامتها بلا بينة أنه لا شيء عليه (٤).

وقوله: "فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها". تمسك به جماعة وقالوا: يجوز للغني والفقير إذا عرفها حولًا أن يستمتع بها، وقد أخذها علي وهو يجوز له أخذ النفل دون الفرض. وأبي بن كعب وهو من مياسير المدينة. وقال أبو حنيفة: إن كان غنيًا لم يجز له الانتفاع بها، وله أن يستمتع بها إن كان فقيرًا، ولا يتصدق بها على غني ويتصدق بها على فقير، فإن جاء صاحبها وأمضى الصدقة، وإلا فله أن يضمنه إياها؛ لما روى الطحاوي أن ابن مسعود اشترى خادمًا بتسعمائة درهم، فطلب صاحبها فلم يجده، فعرفها حولًا فلم يجده، فجمع المساكين وجعل يعطيهم ويقول: اللهم عن صاحبها فإن أبي


(١) الترمذي (١٣٤١).
(٢) "النوادر والزيادات" ١٠/ ٤٧٣.
(٣) "النوادر والزيادات" ١٠/ ٤٧٣.
(٤) "شرح ابن بطال" ٦/ ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>