للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوجه الثالث في فقهه:

بعد أن تعلم أن هذا الحديث انفرد البخاري عن مسلم بجملته فأخرجه هنا. وفي: الرقاق عن أبي نعيم، عن زكريا، عن عامر (١).

وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أيضًا: أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الإسلام خير؟ قَالَ: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام عَلَى من عرفت ومن لم تعرف" (٢).

وأخرج من حديثه أيضًا: أن رجلًا سألَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ المسملين خير؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ المسْلِونَ مِنْ لِسَانهِ وَيده" (٣).

ولم يخرِّج البخاريُ هذا اللفظ ولا الذي قبله، وانفردَ مسلم بإخراجهِ من حديثِ جابرٍ رفعه: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" (٤).

فمعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" المسلم الكامل الجامع لخصال الإسلام، من لم يؤذِ مسلمًا بقوْلٍ ولا فعْلٍ، وكذلك المهاجر الكامل، فأَعْلَمَ المهاجرين أن يهجروا ما نهى الله عنه، ولا يتكلوا على هجرتهم.

ويحتمل أنه قَالَ ذَلِكَ لما شق فوات الهجرة عَلَى بعضهم، فأعلمهم أن هذا هو المهاجر المطلوب الكامل.

والهجر لغةً: ضد الوصل (٥). ومنه قيل للكلام القبيح: الهُجر -بضم


(١) سيأتي برقم (٦٤٨٤).
(٢) مسلم (٣٩) كتاب الإيمان، باب: تفاضل الإسلام وأي أموره خير.
(٣) مسلم (٤٠).
(٤) مسلم (٤١).
(٥) يقال: هَجَرَهُ يَهْجُر هَجْرًا، بالفتح، وهجْرَانًا بالكِسر: صَرَمَهُ وقَطَعَهُ، والهَجْرُ: ضدُّ الوَصْلِ. وهَجَرَ الشيء يَهْجُرهُ هَجْرًا: تركه وأغفله وأعرض عنه.
انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٧١٧ مادة (هجر).