للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعنى ("لا يسلمه"): لا يتركه مع من يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه، ونصره فرض كما سيأتي. قال ابن التين: كونه لا يظلمه فرض عليه.

("ولا يسلمه") قال أبو عبد الملك: هو مستحب.

وظاهر كلام الداودي أنه كظلمه، وهو يحتاج إلى تفصيل إما أن يفجأه عدو أو نحوه فيجب عليه نصره، وأما أن يعينه في أمر دنياه فمستحب.

وقوله: ("المسلم أخو المسلم") هو من قول الله تعالى: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] والله تعالى حرم كثير الظلم وقليله.

وقوله: ("ولا يسلمه") هو مثل قوله - عليه السلام -: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" (١).

وباقي الحديث حض على التعاون وحسن المعاشرة والألفة والستر على المؤمن وترك التسمع به والإشهار لذنوبه، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢].

وفيه: أن المجازاة في الآخرة قد تكون من جنس الطاعة في الدنيا.

وقال ابن المنذر: ويستحب لمن اطلع من أخيه على عورة أو زلة توجب حدًّا أو تعزيرًا أو يلحقه في ذلك عيب أو عار أن يستر عليه رجاء الثواب، ويجب لمن بُلِيَ بذلك أن يستتر بستر الله، فإن لم يفعل ذلك الذي أصاب الحد، وأبدى ذلك للإمام وأقر بالحد لم يكن آثمًا؛ لأنا لم نجد في الأخبار الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذلك؛ بل الأخبار دالة على أن من أصاب حدًا أقيم عليه فهو كفارته (٢).


(١) سيأتي في الباب الذي بعده.
(٢) "الإشراف" ٣/ ٥٥ - ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>