للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (فإذا قدروا عفوا)، فإن العفو أجمل وأفضل لما جاء في ثوابه وعظيم أجره، وقد أثنى الله على من فعل ذلك فقال: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (٤٣)} [الشورى: ٤٣] وهذِه السبيل امتثل الشارع في خاصة نفسه، فكان لا ينتقم لنفسه ولا يقتص ممن جفا عليه ولم يوقره، وقد جفا عليه كثير من الأعراب وقال له القائل (١): إنك ما عدلت منذ اليوم (٢). فآثر الأخذ بالعفو وليسن لأمته.

وقال الداودي لما ذكر قول إبراهيم: سببه أنه قد تنتهك حرمته ويؤخذ ماله ويضيع حقه.

قال: ولما ولي الحجاج العراق قال: لا يؤم مولى. فقال أهل مسجد ليحيى بن وثاب (خ م ت س ق) وكان يؤمهم: قد أمر الأمير أن لا يؤم مولى وأنت مولى. فقال: ليس عن مثلي نهى. وكان أحد القراء واحد العلماء فمضى إلى قرب قصر الحجاج فجلس يقرأ، فقال الحجاج ماله؟ قيل له: هو مولى وأنت نهيت لا يؤم مولى فقال: ليس عن مثل هذا نهيت، فرجع يحيى فصلى بهم صلاة يؤم ثم قال: إنما كرهت أن تذلوني، فهذا صار إليَّ فوالله الذي لا إله إلا هو لا أصلي بكم أبدًا (٣).


(١) ورد بهامش الأصل: القائل ذو الخويصرة.
(٢) رواه أحمد ٣/ ٦٥، وسيأتي برقم (٣٦١٠) كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة، بلفظ: يا رسول الله اعدل؛ كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري.
(٣) رواها العجلي في "ثقاته" ٢/ ٣٥٨ ترجمة (١٩٩٩)، وانظر في ترجمته "الطبقات" ٦/ ٢٩٩، و"تهذيب الكمال" ٣٢/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>