للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروي عن الحسن قال: إذا لُعن لَعن، وإذا سُب دسَب ما لم يكن حدًّا أو كلمة لا تصلح (١). وقيل: المستحب العفو بدليل: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ} [الشورى: ٤٣].

والصحيح لا كراهة فيه وأنه مخير، نعم الأفضل العفو من غير كراهة في الآخَر، ومن كانت له زلة وعلم أنه لا يعود إلى ظلمه كان الصبر أولى، ومن كان متماديًا على جرأته فالصبر فيه ليس بمحمود.

وقوله: ({إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ}) [الشورى: ٤٢] أي: بعداوتهم، أي: بالشرك المخالف لدينهم، {وَيَبغُونَ} [الشورى: ٤٢] يعملون المعاصي، أو نزلت في النفوس والأموال، أو ما ترجوه قريش من أن يكون بمكة غير الإسلام.

{عَزم الأُمُورِ} [الشورى: ٤٣] العزائم التي أمر الله بها أو عزائم الصواب التي وفق لها، نزلت مع ثلاث آيات قبلها في أبي بكر، شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم سكت عنه، وقد سلف.

وما أسلفناه من أن العفو أولى وجهه ما جاء فيه من الترغيب.

وروي عن أحمد بن حنبل قال: قد جعلت المعتصم بالله في حل من ضربي ومحنتي؛ لأنه حدثني هاشم بن القاسم عن ابن المبارك: حدثني من سمع الحسن البصري يقول: إذا جثت الأمم بين يدي رب العالمين يوم القيامة ينادي منادٍ: ليقم من أجره على الله. فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا، ويصدق هذا الحديث قوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} [الشورى: ٤٠] وكان أحمد يقول: ما أحب أن يعذب الله بسببي أحدًا (٢).


(١) انظر: "معاني القرآن" للنحاس ٢/ ٣٢٣.
(٢) انظر: "حلية الأولياء" ٩/ ٢٠٣ - ٢٠٤، "محنة الإمام أحمد" للمقدسي ص ٩٨ - ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>