للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما ذكره الجاحظ في "تبيانه" من أن الجارية يستحسن منها اللحن، واستشهد بقول مالك (١)، فقد رُدَّ عليهِ.

ومنها: وهو ينعطف على ما مضى- قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أن كل ما يقضي به الحاكم من تمليك مال أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو طلاق وما أشبه ذلك، أن ذلك كله إن كان في الباطن كهو في الظاهر وجب ذلك على ما علم، وإن كان في الباطن على خلاف ما شهد به الشاهدان، وعلى خلاف ما حكم بشهادتهما على الحكم بالظاهر لم يكن قضاء القاضي موجبًا شيئًا من تمليك ولا تحليل ولا تحريم، وممن قال ذلك أبو يوسف، وخالفهم آخرون، فقالوا: ما كان من ذلك من تمليك مال فهو على حكم الباطن، كما قال - عليه السلام -: "فمن قضيت له شيئًا" الحديث. وما كان من ذلك قضاء بطلاق أو نكاح بشهودٍ ظاهرهم العدالة وباطنهم الجرح، فحكم الحاكم بشهادتهم على ظاهرهم، فإنه ينفذ ظاهرًا وباطنًا.

واستدل بأنه - عليه السلام - فرق بين المتلاعنين (٢)، ولو علم صدق المرأة لحد الزوج لها بقذفه إياها، ولو علم أن الزوج صادق لحد المرأة للزنا، ولم يفرق بينهما، فلما خفي عليه الصادق منهما وجب حكم آخر، وهو حرمة الفرج على الزوج ظاهرًا وباطنًا، ولم يرد ذلك إلى حكم الباطن، فلما ثبت هذا في المتلاعنين ثبت أن يكون كل قضاء ليس فيه تمليك أموال أنه على الظاهر لا على حكم الباطن، وأن حكم القاضي يحدث في ذلك التحريم، والتحليل في الظاهر والباطن جميعًا، وأنه خلاف الأموال


(١) "البيان" ١/ ٩٢.
(٢) سيأتي برقم (٤٧٤٨) كتاب: التفسير، باب: قوله {وَالخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>