للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى ابن وهب، عن ابن سمعان: أن من أدرك من العلماء قالوا في الطريق يريد أهلها بنيان عرصتها (١): إن أهلها الذين هم أقرب الناس إليها يقتطعونها بالحصص على قدر ما يشرع فيها من ربعهم، فيعطى صاحب الربع الواسع بقدره، وصاحب الصغير بقدره، ويتركون لطريق المسلمين ثمانية أذرع أو سبعة على ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ونقل ابن التين عن ابن شعبان أنه إذا اختلف البانيان المتقابلان، وأراد أن يقرب كل واحد جداره بجدار صاحبه، جعلا للطريق سبعة أذرع بالذراع المعروفة بذراع البنيان.

واختلف أصحاب مالك فيمن أراد أن يبني في الفناء الواسع، ولا يضر فيه بأحد بعد أن يترك للطريق سبعة أذرع أو ثمانية، فروى ابن وهب أنه ليس له ذلك، وقال أصبغ: أكرهه، فإن ترك لم يعرض له. قال أصبغ: قد تركت فأفتى فيها أشهب، قال: إذا كانت الطريق واسعة وأخذ منها يسيرًا لا ضرر فيه ولا بأس بذلك.

قال ابن حبيب: وقول مالك أعجب إلي؛ لأن الطريق لمنفعة الناس عامة، وربما ضاق الطريق بأهله وبالدواب ويميل الراكب وصاحب الحمل عن الطريق إلى تلك الأفنية والرحاب، فيتسع فيها، فليس لأهلها تغييرها عن حالها. وقول أصبغ وأشهب يعضده حديث الباب، وما وافق الحديث أولى بما خالفه، ففيه الحجة البالغة، ومن معنى هذا الباب ما ذكره ابن حبيب أن عمر قضى بالأفنية لأرباب

الدور؛ وتفسير هذا يعني: أنه قضى بالانتفاع والمجالس والمرابط


(١) العَرْصَة: كل بقعة من الدور واسعة ليس فيها بناء. "الصحاح" ٣/ ١٠٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>