للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذا ذكره الخطابي زاد: وقال شعرًا (١)، يعني: قبيحًا مفظعًا. وكذا قال ابن التين: قَتْلُه كعبًا؛ لأنه نكث ما عاهد عليه وأخفر الذمة.

وقوله: ("آذى الله") يحتمل أن يريد أن من آذى رسوله، فقد آذى مُرْسِلَهُ أو يريد تكذيبه بما أنزل الله وهو مجاز؛ لأن الرب -جل جلاله- لا يدركه أذى (٢)، وفيه جواز الكذب لمصلحة، وفي رواية أنه قال: إن محمدًا عنانا (٣) وسألنا الصدقة (٤). واللأمة: السلاح. قال ابن التين: قال اللغويون اللأمة مهموزة: الدرع، وجمعها لؤم على غير قياس، كأنه جمع لؤمة وهي الحديدة التي يحرث بها.


(١) "أعلام الحديث" ٢/ ١٢٦٠ - ١٢٦١.
(٢) اعلم أولًا: أن لفظ الأذى في اللغة هو لما خفّ أمره وضعف أثره. قاله ابن تيمية في "الصارم المسلول" ص ٥٩.
ئانيًا: ليس أذاه -سبحانه وتعالى- من جنس الأذى الحاصل للمخلوقين كما أن سخطه وغضبه وكراهته ليست من جنس ما للمخلوقين. قاله ابن القيم في "الصواعق المرسلة" ٤/ ١٤٥١.
ثالثًا: أن المجاز اختلف في أصل وقوعه، قال أبو إسحاق الإسفرائيني، وأبو علي الفارسي أنه لا مجاز في اللغة أصلًا كما عزاه لهما ابن السبكي في "جمع الجوامع"، وإن نَقَلَ عن الفارسي تلميذُهُ أبو الفتح: أن المجاز غالب على اللغات كما ذكره عنه صاحب "الضياء اللامع"، وكل ما يسميه القائلون بالمجاز مجازا فهو عند من يقول بنفي المجاز أسلوب من أساليب اللغة العربية. قاله الشنقيطي في "منع جواز المجاز" ص ٦.
رابعًا: أن من آذى رسول الله فقد آذى الله.
خامسًا: أن الأذى قد فسر كما في "سيرة ابن إسحاق" ص ٢٩٧: فإن كعب بن الأشرف لما علم بهزيمة المشركين في بدر أتى مكة وجعل يحرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وينشد الأشعار ويبكي على أصحاب القليب من قريش، ثم رجع إلى المدينة فشبب بأم الفضل ابنة الحارث، ثم شبب بنساء المسلمين، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من لكعب بن الأشرف فقد آذى الله ورسوله".
(٣) ورد بهامش الأصل: إنما قال ذلك بإذنه له - عليه السلام - بأن يقول.
(٤) ستأتي برقم (٣٠٣١) كتاب: الجهاد والسير، باب: الكذب في الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>