للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وما سواهما: هو جميع المخلوقات من ملك ونبي وغيرهما.

الرابعة: فيه دلالة عَلَى أنه لا بأ بمثل هذِه النسبة، أعني قوله: "سواهما". وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي خطب وقال: ومن يعصهما فقد غوى-: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله". أخرجه مسلم (١) من حديث عدي بن حاتم. فجوابه من أوجه: أحسنها: أنه ليس من هذا النوع؛ لأن المراد في (الخطب) (٢) الإيضاح لا الرموز والإشارات، وأما هنا فالمراد الإيجاز في اللفظ ليحفظ.

ومما يدل عَلَى هذا حديث ابن مسعود في خطبة الحاجة: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن بعصهما فلا يضر إلا نفسه". أخرجه أبو داود وغيره بإسناد جيد، لأجل عمران بن داور -بالراء في آخره-، وإن خرج لَهُ البخاري متابعًا، وحكم النووي والقرطبي لإسناده بالصحة (٣).


(١) رواه مسلم (٨٧٠) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة.
(٢) في (ف): الخطيب، والمثبت من (ج).
(٣) أبوداود (٢١١٩)، والشاشي في "مسنده" ٢/ ٢٣٤ (٨٠٦)، والطبراني في "الكبير" ١٠/ ٢١١ (١٠٤٩٩) وفي "الأوسط" ٣/ ٧٤ (٢٥٣٠)، والبيهقي ٧/ ١٤٦.
قال النووي في "شرح صحيح مسلم" ٦/ ١٦٠: إسناده صحيح.
وقال الحافظ المنذري في "مختصر سنن أبي داود" ٣/ ٥٥: في إسناده عمران بن داور القطان، وفيه مقال.
وقال ابن القيم في نفس الموضع في: "الحاشية": وقد روى النسائي وغيرُه من حديث عدي بن حاتم قال: تشهَّد رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحدهما: من يطعِ اللهَ ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الخطيب أنت"، فإن صح حديث عمران بن داور، فلعله رواه بعضهم بالمعنى فظن أن اللفظين سواء، ولم يبلغه حديث "بئس الخطيب أنت" وليس عمران بذاك الحافظ.
وقال الألباني في "تمام المنة" ص ٣٣٥: فيه أبو عياض، وهو مجهول، وقد أعلهُ المنذري وابن القيم والشوكاني بغيره، والحق ما ذكرتهُ.