للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حر، لازم الوفاء بها في القضاء؛ لأنها لم تكن فصلت من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته، وإنما وعد بها جابرًا، وهو قوله: "لو قد جاء مال البحرين" فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك، ولذلك ذكر البخاري قول عبيدة والحسن في أول الباب؛ ليدل أن فعل الصديق في قضائه عدات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موته، أنها كانت منه على التطوع ولم يكن يلزم الشارع ولا الصديق قضاء شيء منها؛ لأنه لم يرو عن أحد من السلف وجوب القضاء بالعدة، وإنما أنفذ ذلك الصديق بعد موته - عليه السلام -؛ اقتداءً بطريقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولفعله، فإنه كان أوفى الناس بعهدٍ وأصدقهم لوعدٍ (١).

قلت: قد ذكر البخاري أن ابن أشوع وسمرة قضيا به (٢) وفي "تاريخ المنتجيلي" أن عبد الله بن شبرمة قضى على رجل بوعد وحبسه فيه، وتلى قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٣].

تنبيهان:

أحدهما: اعترض الإسماعيلي فقال: هذا الباب لا يدخل في الهبة بحال، وليس ما قاله لجابر هبة، وإنما هو عِدَة على وصف إذا كان صح الوعد، ولكن لما كان وعده لا يجوز أن يعترضه خُلْف أو يعوق دون الوفاء به معنى جعلوا وعده بمنزلة الضمان في الصحة، فرقًا بين وعده الذي لا خلف له وبين وعد غيره من الأمة، ممن يجوز أن يفي به وقد لا يفي.


(١) "شرح ابن بطال" ٧/ ١١٤ - ١١٥.
(٢) سيأتي قبل حديث (٢٦٨١) كتاب: الشهادات، باب: من أمر بإنجاز الوعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>