وأما احتجاجهم بقصة الصديق فهو حجة عليهم؛ لأنه وهب لها جذاذ عشرين وسقًا من أوساق كبيرة، وهذا مشاع بينهم.
فدل هذا على جواز هبة المشاع؛ لأنه لو لم يجز لم يفعله.
وقوله:(لو كنت حزتيه لكان لك). لا يدل على منع ما عقده، وإنما قال ذلك؛ لئلا يقتدي به من يريد الهروب بماله من الميراث، ولما لم تحزه عائشة في صحته لم ينفذه لها في مرضه؛ لأن عطايا المريض المقبوضة هي في ثلثه كالوصايا، والوصية للوارث لا تجوز إما مطلقًا أوموقوفًا على إجازة باقي الورثة، ولم يختلف الثلاثة: مالك وأبو حنيفة والشافعي أن عطايا المريض جائزة في ثلثه (١)، فلم يخالف مالك من حديث أبي بكر شيئًا، وأبو حنيفة خالف أوله وتأول في آخره، ما لم يجامع عليه.
تنبيهات:
أحدها: في قصة هوازن: هبة المشاع والمجهول، ومن منع هبة المشاع لأجل انتفاء القبض، وقد سلف، قال ابن التين: ولا أعلم خلافًا فيما إذا وهب جماعة شيئًا شركة بينهم لواحد وقبضه وحازه دونهم أنه يصح فَتَقُومُ على المخالفِ الحجة من الحديث.
ثانيها: كانت هوازن سنة ثمان عقب الفتح، خرج إليهم من مكة قبل مرجعه إلى المدينة، فكانت حنين وهوازن، وحاصر الطائف وانصرف عنها ولم يفتحها، وهي آخر غزوة شهدها بنفسه وقاتل فيها. ذكره أجمع الداودي.