وإنما بعث عمر الحلة إلى أخيه المشرك بمكة على وجه التألف له على الإسلام؛ لأنه كان طمع بإسلامه، وكان التآلف حينئذٍ على الإسلام مباحًا، وقد تألف صناديد قريش، وجعل الله للمؤلفة قلوبهم سهمًا في الصدقات، وكذلك فعلت أسماء في أمها؛ لأن الله تعالى قد أمر بصلة الآباء الكفار وبرّهما بقوله:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي}[لقمان: ١٥] إلى قوله: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥] فأمر تعالى بمصاحبة الأبوين المشركين في الدنيا بالمعروف، وبترك طاعتهما في معصية الله.
قال الخطابي: وفيه جواز صلة الرحم الكافرة كالرحم المسلمة، وفيه مستدل لمن رأى وجوب نفقة الأب الكافر والأم الكافرة على الولد المسلم (١).
فائدة: قال الدمياطي ومن خطه نقلت: الذي أرسل إليه عمر الحلة لم يكن أخاه إنما هو أخو أخيه زيد بن الخطاب لأمه أسماء بنت وهب، وهي أيضًا أم عثمان بن حكيم بن أمية، وبنته أم سعيد بن عثمان ولدت سعيد بن المسيب وخولة، ويقال: خويلة بنت حليم أم السائب وعبد الرحمن، ابني عثمان بن مظعون، وأبوها من خلفاء بني أمية.