الإجابة لحق المولى، فلم يدخل تحت النهي، كما لم يدخل في قوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ}[الجمعة: ٩] وقوله: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}[التوبة: ٤١] وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ}[آل عمران: ٩٧] وذلك كله حق المولى، وأيضًا بالإضافة في قوله:{ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] يفيد الحرية دون الإسلام؛ لأن غير الإسلام ليس بعدل؛ ولأن الشهادة مبنية على التفاضل والكمال، وما هذا سبيله لا يدخل العبد فيه كالرجم، فإن قلت: أداء الشهادة عليه فرض كالصلاة والصيام، وليس لسيده منعه من ذلك.
قلتُ: هذا غلط؛ لأن فرضهما إيجاب من الرب -جل جلاله- ابتداء، والتحمل من قبله، فلا فرض عليه في أدائها؛ حتى يأذن له السيد أو يعتق، كما ينذر على نفسه نذرًا.
فإن قلتَ: كل من جاز قبول خبره جاز قبول شهادته كالحر.
قلتُ: لا، فالخبر قد سومح فيه ما لم يتسامح في الشهادة؛ لأن
الخبر يقبل من الأمة منفردة والعبد منفردًا، ولا تقبل شهادتهما، والعبد ناقص عن رتبة الحر في أحكام، فكذلك في الشهادة.
ومذهب ابن حزم: الجواز.
قال: شهادة العبد والأمة مقبولة في كل شيء لسيده أو لغيره كشهادة الحر والحرة، ولا فرق.
وقد اختلف الناس في هذا، فصح ما روينا عن ابن المسيب: أن عثمان بن عفان قضى في الصغير يشهد بعد كبره، والنصراني بعد إسلامه، والعبد بعد عتقه، أنها جائزة إن لم تكن ردت عليهم (١).