قال بعض المفسرين: تعلق به قوم في أن من بسط لسانه في عائشة بعد هذا لم يكن مؤمنًا لظاهر الآية؛ ولعمري إن قائله مرتكب كبيرة ولا يخرج عن الإيمان بذلك، ثم قال: حاشا لله بل هو كافر؛ لأنه كذب الله الذي برأها، والكافر يكون بوجهين، أحدهما: أن يكذب الله. والثاني: أن يكذب عليه.
فإن قلت: فقد قال: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} الآية [التحريم: ٥].
قلت: إنه لو طلق كذلك كان يكون ذلك سبق في علمه عدمه وأنه ليس هناك خير منهن، فخرج الكلام على التقدير الممكن لا على ما أخبر به.
وأمر عائشة يبين أنه لا يخلو أحد من البلاء، وربما كان في المحنة والبلاء من الأصفياء بل هو من أقوى أركانه وأعظم برهانه، فأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.
تنبيهات:
أحدها: قوله: (تساميني) أي: تعاليني فتنازعني الحظوة عند رسول الله، والمساماة مفاعلة من سما يسمو إذا ارتفع وتطاول، قال صاحب "الأفعال": يقال: سما الفحل سماوة: تطاول على من سواه (١).
وروي: تناصيني من المناصاة وهي المساواة، وأصله من الناصية.
وقول زينب:(أحمي سمعي وبصري) أي: لا أكلف فيما سمعت وأبصرت فيعاقبني الله فيهما لكن أصدق؛ حماية لهما وذبًّا عنهما، وقيل: أصونها كراهية أن أقول سمعت ما لم أسمع ورأيت ما لم أَرَ.