للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجمعت الأمة على القول بذلك وأنه لا يقبل دعوى أحد دون بينة، وقال المهلب: معنى سؤالها قبل اليمين خوفًا أن يحلف له المطلوب ثم يأتي بعد ذلك المدعي ببينة، فيأخذ منه حقه فيكذب في يمينه فيستحق بها العقاب، إن شاء أنفذ عليه الوعيد، ثم يؤخذ المال منه فهو له كالظلم، فإذا سأله: هل لك بينة؟ فقال: لا. لم يكن له الرجوع عليه ببينة إلا أن يحلف أنه ما علم هذا يوم قال: لا. وسيأتي اختلاف العلماء في هذِه المسألة بعد، إن شاء الله تعالى.

واختلف العلماء في المدعي يثبت البينة على ما يدعيه: هل للحاكم أن يستحلفه مع بينته أم لا؟

فكان شريح وإبراهيم النخعي يريان أن يُستحلف مع بينته أنها شهدت بحق، وقد روى ابن أبي ليلى عن الحكم، عن حنش: أن عليًّا استحلف عبيد الله بن الحر مع بينته (١).

وهو قول الأوزاعي والحسن بن حي. وقال إسحاق: إذا استراب الحاكم أوجب ذلك.

وذهب مالك والكوفيون والشافعي وأحمد: أنه لا يمين عليه (٢)، والحجة لهم حديث الباب من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل للأشعث: وتحلف مع البينة. فلم يوجب على المدعي غير البينة، وأيضًا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية [النور: ٤]، فأبرأه الله من الجلد بإقامة أربعة شهداء من غير يمين.


(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٤/ ٥٥٢ (٢٣٠٥٠).
(٢) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٣٣٣، "شرح ابن بطال" ٨/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>