قال الإسماعيلي: يقال سليمان لم يسمع هذا من أنس، ثم ساقه بلفظه عن أبيه، أنه بلغه عن أنس .. فذكره، وكذا قال أبو نعيم.
أي هذا مما لم يسمعه التيمي من أنس، والرجل الذي قال: لحمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطيب من ريحك، هو عبد الله بن رواحة.
و (النجوى) في الآية: السر، قاله جماعة. وقال الناس: كل كلام تفرد به جماعة سواء كان سرًّا أو جهرًا فهو نجوى.
وقوله:({إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ}) يجوز أن يكون استثناء ليس من الأول، أي: لكن من أمر بصدقة فإن في نجواه خيرًا، ويجوز أن يكون المعنى: إلا نجوى من أمر بصدقة، ثم حذف.
وقال الداودي: معناه: لا ينبغي أن يكون أكثر نجواهم إلا في هذِه الخلال، ويكون أقلها فيما لا بد منه من السر من النظر في أمر دنياهم.
ومعنى {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ}: لوجهه، وهو مثل قوله:"إنما الأعمال بالنيات"(١)، ولاشك أن الإصلاح بين الناس واجب على الأئمة، وعلى من ولاه الله أمور المسلمين، وفعله الشارع؛ لتتأسى به الأمة بعده.
قال تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الآية [الحجرات: ٩]،
وكانت الصحابة إذا التبس عليهم أمر الطائفتين ردهما إلى التأويل ولم يتبين ظلم إحداهما اعتزلوهما، ومن يتبين له أن طائفته مظلومة نصرها.
قال المهلب: إنما يخرج الإمام ليصلح بين الناس إذا أُشكل عليه أمرهم، وتعذر ثبوت الحقيقة عنده منهم، فحينئذٍ ينهض إلى الطائفتين، ويسمع من الفريقين، ومن الرجل والمرأة، ومن كافة
(١) سلف برقم (١) كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي.