للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعظيمًا له.

وكان أبو بكر وعمر بعد أن نزلت الحجرات لا يكلمه أحدهما إلا كالمناجي له حتى ربما استفهم أحدهما لشدة الإخفاء.

وقوله: (فقال رجل من بني كنانة) كانت بنو كنانة ممن يمالئ قريشًا على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودخلوا في عهد قريش، كما أن خزاعة دخلت في عهد المسلمين، وكان في بعض المدَّة عدا رجل من كنانة على آخر من خزاعة، فعلمت قريش أن العهد انتقض، فأرسلوا أبا سفيان ليجدد العهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وظنوا أنه لم يعلم بقتل الخزاعي، وكان الوحي جاءه بذلك، فلم يفصح لأبي سفيان بنقض العهد، ولا أن يجدد، بل قال له: "يكفي العهد الأول"، وهذا من المعاريض.

فمشى أبو سفيان إلى أبي بكر وعمر ليكلماه بذلك فأجاباه بغلظ، وإلى فاطمة وابنيها فأبوا، فأتى الناس والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين ظهرانيهم، فقال: إني أجرت بين الناس، فقال - عليه السلام -، وأراد أن يوهمه: "أسمع ما تقول أبا سفيان؟ "، ثم رجع إلى قريش فأخبرهم بما فعل فعلموا أنه لم يفد شيئًا.

وقوله: "سهل أمركم؟ " هو تفاؤل - عليه السلام - باسم سُهيل، إذ كان يحب الفأل الحسن، وكان تفاؤله حقًّا؛ لأنه يلقى في روعه، وفي إنكار سهيل كتب البسملة، ويمين المسلمين: (والله لا نكتب) فيه -كما قال ابن بطال- أن أصحاب السلطان يجب عليهم مراعاة أمره. وتركه - عليه السلام - إبرار قسمهم، وقد أمر به أمر ندب مما يحسن ويجمل (١).

فإذا كان الحلف في أمرٍ يؤدي إلى انخرام المقاضاة والصلح كهذا


(١) "شرح ابن بطال" ٨/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>