وفي حديث عائشة: النهي عن التألي على الله؛ لأن فيه معنى الاستبداد بنفسه، والقدرة على إرادته، فكأنه لما حتم بألا يفعل، شابه ما يدعيه القدرية من إثبات القدرة لأنفسها، فوبخه الشارع بقوله، ففهم ذلك، ورجع عن تأليه ويمينه، وقال:(له أي ذلك أحب) من الوضع عنه، أو الرفق به متبرئًا من الفعل إلى الله تعالى، ورد الحول والقوة إليه تعالى، ويمينه إن كانت بعد نزول الكفارة ففيها الكفارة.
وفي حديث كعب أصل قول الناس في حضهم على الصلح: خير الصلح الشطر؛ لأنه - عليه السلام - أمره بوضع النصف عن غريمه، فوضعه عنه.
ومعنى (يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ، وَيسْتَرْفِقُهُ) أي: يطلب منه الوضيعة والرفق.
والمتألى: الحالف، مأخوذ من الألية: وهي اليمين، ومنه {يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}. قال الداودي: يريد أن من حلف بما قد عسى أنه سبق في علم الله أنه سيكون، والظاهر أنه لم يكره يمينه لهذا، وإنما كرهها؛ لأنه قطع نفسه عن فعل الخير باليمين، ولو حلف ليفعل خيرًا لم يوجد عليه بما يتوقع من أن السابق في علم الله خلافه، فانظر هذا من سكوته عن يمين الأعرابي سأل عن الإسلام، فحلف: لا يزيد ولا ينقص.
فقال - عليه السلام -: "أفلح إن صدق"(١)، ولم ينكر عليه يمينه لا أزيد يحتمل أن يفرق بينهما بأنه من يدخل الإسلام، ويريد أن الدخول فيه سهل لا مشقة فيه.