وفيه من الفقه: أنه لا ينبغي ترك الاقتداء به في غضبه (ورضاه)(١)، وجميع أحواله، وأن يكظم المؤمن غيظه ويملك نفسه عند غضبه، ولا يحملها على التعدي والجور، بل يعفو ويصفح، ومعنى:(أحفظه الأنصاري): يعني أغضبه بحاءٍ مهملة.
وقوله:(فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) فالمغضب ربما احمرت وجنتاه، أو اصفر وجهه.
ومعنى (اسْتَوْعَى): استقصى له حقه.
وقوله:(فِي صَرِيحِ الحُكْمِ) أي: حقيقته.
وقوله: (والله مَا أَحْسِبُ هذِه الآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ}[النساء: ٦٥] وكان الزبير ابن صفية عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات سنة ست وثلاثين، شهيدًا يوم الجمل، وهو حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمته، وأول من سلَّ سيفًا في سبيل الله وراويه عن الزبير عروة بن الزبير، أبو عبد الله الفقيه العالم المثبت المأمون، كثير الحديث، كان يصوم الدهر، مات وهو صائم سنة ثلاث أو أربع وتسعين، رُدَّ وهو ابن ست عشرة من خروجه إلى العراق، فلم يدخل في شيءٍ من الحرب حتى مات. قال ابنه هشام: كان يعرضنا الحديث -يعني بنيه- فكان يعجب من حفظي، وما كان يعلمنا منه حرفًا من ألفي حرف من حديثه، وكان يتألف الناس على حديثه، وأصابت رجله الأكلة فسقطت في مجلس الوليد من حدِّ الركبة، فأخرجها لمن حسمها أي: قطع عنها الدم بالكي، وما شعر الوليد، وما ترك حزبه تلك الليلة. أتاه أهل الحديث معتقدين على غير ما كانوا يأتونه، وذكروا عذرهم له، فقال: ما للصراع تريدونني.