للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومما اعتبر من المشكل قوله تعالى: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ من الآية الواردة في شأن المطلَّقات قبل الدخول، ذوات المهر المسمى: وهي قوله سبحانه: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٧)[البقرة].

ذلك أن المراد من ﴿الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ يحتمل أن يكون الزوج، ويحتمل أن يكون الولي، ولذا كان لا بد من التأمُّل والاجتهاد للخروج من الإشكال.

أ - فإذا كان المراد به الزوج: كان تأويل الآية، أن المرأة إذا فرض لها مهر، ثم طلقت قبل الدخول، وجب لها نصف المهر المفروض، إلا أن تعفو عن حقها وتترك ذلك النصف للزوج فلا تأخذ شيئًا، أو أن يعفو الزوج عن حقه - وهو نصف المهر - فيكون المهر كله للمرأة. وهكذا يتنصف المهر بالطلاق بينهما؛ فإن عفت المرأة عن النصف الذي لها وتركت للرجل جميع الصداق جاز، وإن عفا الرجل لها عن النصف الذي له، أكمل لها الصداق جميعه.

على أن العفو مشروط عند العلماء: بأن يكون العافي منهما: رشيدًا جائزًا تصرفه في ماله، فإن كان صغيرًا، أو سفيهًا لم يصحّ عفوه؛ لأنه ليس له التصرف في ماله بهبة، ولا إسقاط.

ب - وإذا كان المراد به الوليّ: كان تأويل الآية، أن المرأة إذا فرض لها مهر، وطلقت قبل الدخول وجب لها نصف المهر، إلا إذا عفت عن ذلك النصف للرجل المطلَّق إن كانت أهلًا للتصرف - بأن لم تكن صغيرة أو محجورًا عليها - أو أسقطه وليها، إن لم تكن أهلًا للتصرف.


= (٦/ ٢١٢ - ٢١٧). هذا: وإذا كنا قد عرضنا للمسألة من جانب التمثيل للمشكل بـ (أنّى) فإننا نترك التفصيل لمظانه؛ فهناك إلى جانب الآثار وتحرير الأقوال، الدفاع عن بعض مَن نُسب إليه القول بإباحة الإتيان في غير موضع الحرث، ثم ثبت عنه غير ذلك، وقد أشرنا إلى تلك المظان.

<<  <  ج: ص:  >  >>