للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث ابن أبي أوفى: فقد سلف الجواب عنه، والمراد فيه أنه لم يوص، إنما أراد الوصية التي زعم بعض الشيعة أنه أوصى بالأمر إلى علي، وقد تبرأ علي من ذَلِكَ حين قَالَ له: أعهد إليك رسول الله بشيء لم يعهده إلى الناس؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا كتاب الله وما في هذِه الصحيفة (١). وهو راد لما أكثره الشيعة من الكذب على أنه أوصى له بالخلافة (٢). وأما أرضه وسلاحه وبغلته، فلم يوص فيها على جهة ما يوصي الناس في أموالهم؛ لأنه قَالَ: "لا نورث، ما تركناه صدقة" (٣) ورفع الميراث عن أزواجه وأقاربه، وإنما تجوز الوصية لمن لا يجوز لأهله وراثته.

وأما حديث عائشة: فيه: أنه انخنث. أي: انثنى. ومنه سمي: المخنث؛ لتثنيه وتكسره. قَالَ صاحب "العين": الخنث: السقاء (٤). وخنث: إذا سأل. وخنثته أنا.

ووصيته بكتاب الله في الحديث الذي قبله غير معنى قول عائشة: بما أوصى؟

وقوله فيه: (أَوْصَى بِكِتَابِ اللهِ). قد فسره علي بقوله: ما عندنا إلا كتاب الله. وكذلك قَالَ عمر: حسبنا كتاب الله حين أراد أن يعهد عند موته (٥).


(١) سيأتي برقم (٦٩٠٣).
(٢) قلت: وقد تعلق الشيعة أيضًا بحديث يأتي في "الصحيح" برقم (٣٧٠٦) وفيه: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" ورد القاضي عياض هذِه الحجة، وفصَّل الكلام في ذلك. انظر "إكمال المعلم" ٧/ ٤١١ - ٤١٢.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) "العين" ٤/ ٢٤٨.
(٥) سيأتي برقم (٥٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>