للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقوى (من) (١) مقصود البخاري (٢).

وأما حديث ابن عمر فوجهه هنا -والله أعلم- أنه لما كان العبد متبرعًا في مال سيده صح أن المال للسيد وأن العبد لا ملك له فيه، فلم تجز وصية العبد بغير إذن سيده كما قَالَ ابن عباس (٣)، وأشبه في المعنى الموصي الذي عليه الدين فلم تنفذ وصيته إلا بعد قضاء دينه؛ لأن المال الذي بيده إنما هو لصاحب الدين ومسترعى فيه ومسئول عن رعيته، فلم يجز له تفويته على ربه بوصية وغيرها إلا أن تبقى منه بعد أداء الدين بقية، كما أن العبد مسترعى في مال سيده ولا يجوز له تفويته على سيده، فاتفقا في الحكم لاتفاقهما في المعنى. قَالَ ابن المنير: والحديث أصل يندرج تحته مقصود الترجمة؛ لأنه لما تعارض في ماله حقه وحق السيد قدم الأقوى وهو حق السيد، وجعل (السيد) (٤) مسئولًا عنه مؤاخذًا بحفظه وكذلك حق الدين لما عارضه حق الوصية، والدين واجب والوصية تطوع؛ وجب تقديمه (٥).

فائدة: البداءة في الآية بالوصية قبل الدين لا يقضي أن يكون مبدأها على الدين، وإنما يقتضي الكلام أن يكون الدين والوصية يخرجان قبل قسمة الميراث؛ لأنه لما قيل: من بعد كذا وكذا. علم أنه من بعد هذين الصنفين. قَالَ تعالى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] أي: لا تطع أحدًا من هذين الصنفين. وتقول: مررت بفلان وفلان. ولا توجب


(١) كذا بالأصل، وفي "المتواري": في.
(٢) "المتواري على تراجم أبواب البخاري" ص ٣١٧.
(٣) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٩/ ٩٠ (١٦٤٦٥).
(٤) كذا بالأصل، وفي "المتواري" و"الفتح" ٥/ ٣٧٨: العبد، ولعله الصواب.
(٥) "المتوراي" ص (٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>