للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أهل هذِه المقالات الوصية للقرابة إذا كانت تلك القرابة تحصى وتعرف كما نبه عليه الطحاوي (١)، فإن كانت لا تحصى ولا تعرف فإن الوصية لها باطل في قولهم جميعًا إلا أن يوصي لفقرائهم، فتكون جائزة لمن رأى الموصي دفعها إليه منهم، وأقل ما يجوز أن يجعلها فيهم اثنان فصاعدا في قول محمد، وقال أبو يوسف: إن دفعها إلى واحد أجزأه، واحتج للصاحبين بأنه - صلى الله عليه وسلم - لما قسم سهم ذوي القربى أعطى بني هاشم جميعًا، وفيه من رحمه منهم محرمة وغير محرمة، وأعطى بني المطلب وأرحامهم جميعًا منه غير محرمة؛ لأن بني هاشم أقرب إليه من بني عبد المطلب، فلما لم يقدم في ذَلِكَ رسول الله من قربت رحمه على من بعدت، وجعلهم كلهم قرابة يستحقون ما جعل إليه لقرابته؛ سقط قول أبي حنيفة في اعتباره ذا الرحم المحرم واعتباره بالأقرب، وسقط قول من جعل أهل الحاجة منهم أولى؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - عم بعطيته بني هاشم وفيهم أغنياء (٢)، وحجة أخرى على أبي حنيفة، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أمر أبا طلحة أن يجعل أرضه في فقراء قرابته جعلها لحسان وأُبَيّ، وأُبَيّ إنما يلقى أبا طلحة عند أبيه السابع، ويلتقي مع حسان مع أبيه الثالث، فلم يقدم أبو طلحة حسانًا لقرب رحمه على أُبي لبعد رحمه منه، ولم ير واحدًا منهما مستحقًّا لقرابة منه في ذَلِكَ إلا كما يستحق منه الآخر، فثبت فساد قوله، واحتج له بأنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى حسان بن ثابت وأُبَيًّا لقربهما إليه، ولم يعط أنسًا شيئًا والأقرب أولى كالميراث، ولأنا لو سوينا بينه وبين القريب والبعيد أدى ذَلِكَ إلى إبطالها؛ لأن المقصود بها الأدنى فإذا اشترك فيها من لا يحصى دخل


(١) "شرح معاني الآثار" ٤/ ٣٨٥.
(٢) "مختصر اختلاف العلماء" ٥/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>