للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن أجاز للواقف أن يليه، فإنما يجيز له الأكل منه بسبب ولايته وعمله، كما كان يأكل الوصي مال يتيمه بالمعروف من أجل ولايته وعمله، وإلى هذا المعنى أشار البخاري في الباب، ومن لم يجز للواقف أن يلي وقفه فإنما منع ذَلِكَ قطعًا للذريعة إلى الانفراد بغلته، فيكون ذَلِكَ رجوعًا فيه (١). وسيأتي اختلاف السلف في الباب بعد.

وعندنا: إن شرط النظر لنفسه أو غيره اتبع وإلا فالنظر للقاضي.

وحديث ركوب البدنة سلف الكلام عليه في الحج، ومشهور مذهب مالك أنه لا يركبها إلا عند الضرورة إليه، وقال في "المبسوط": لا بأس أن يركبها ركوبًا غير فادح، فلا يركبها بالمحمل، ولا يحمل عليها زاده ولا شيئًا يتعبها به (٢). وقال أحمد وإسحاق: يركبها. ولم يذكرا ضرورة، وفي "صحيح مسلم" تقييده بالاضطرار (٣).

واختلف إذا استراح، فقال ابن القاسم: لا أرى عليه أن ينزل.

وخالفه ابن الجلاب؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ له: "ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ" في الثانية أو الثالثة، وإنما استحسن الناس أن لا يركبها حَتَّى يحتاج إليها.

وقوله: " (وَيْلَكَ") هي كلمة جرت على ألسنتهم، لا يريد الدعاء، وهي تقال لمن وقع في هلكة يستحقها، والمترحم عليه، وإن كان لا يستحقها يقال له: ويحك، وقد سلف.

والحديث يحتمل ذَلِكَ، وذلك أنه لما ترك رخصة سائغة في الشرع وأمره بذلك مرات كان كالواقع فيما يستحقه من مكروه، ويحتمل الثاني


(١) إلى هنا انتهى من "شرح ابن بطال" ٨/ ١٦٩ - ١٧١.
(٢) حكاه صاحب "المنتقى" ٢/ ٣٠٩ عن نافع عن مالك به.
(٣) مسلم (١٣٢٤) كتاب: الحج، باب: جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>