للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول بعضهم: لا تجوز حَتَّى يبين لمن هي. معناه: لا يحكم عليه به. يريد: لما لم يعين المعطى.

وقد اختلف القول في مذهب مالك إذا جعل شيئًا للمساكين في غير تعيين هل يجب عليه إخراجه؟ ففي "المدونة": لا يجب. وقال الداودي: قول من قَالَ: لا يجوز. ليس بشيء وإن لم يكن فيه وضعها حيث شاء، فكأنه تأوله على خلاف ما أسلفنا أن معناه: لا يحكم.

واختلف العلماء في الوقف إذا لم يخرجه الواقف من يده إلى أن مات، فقالت طائفة: يصح الوقف ولا يفتقر إلى قبض، وهو قول أبي يوسف والشافعي. وقالت طائفة: لا يصح الوقف حَتَّى يخرجه عن يده ويقبضه غيره، هذا قول ابن أبي ليلى ومالك ومحمد بن الحسن (١).

وحجة الأول أن عمر وعليًّا وفاطمة وقفوا أوقافًا أو أمسكوها بأيديهم، وكانوا يصرفون الانتفاع بها في وجوه الصدقة، فلم تبطل (٢).

واحتج الطحاوي لأبي يوسف فقال: رأينا أفعال العبادات على ضروب، فمنها العتاق وينفذ بالقول، ومنها الهبات والصدقات لا تنفذ بالقول حَتَّى يكون معه القبض من الذي ملكها، فأردنا أن ننظر حكم الأوقاف بأيها هي أشبه فنعطفه عليه، فرأينا الرجل إذا وقف أرضه، فإنما ملك الذي وقفها عليه منافعها، ولم يملكه من رقبتها شيئًا، إنما أخرجها من ملك نفسه إلى الله تعالى فثبت أن نظير ذَلِكَ ما أخرجه من ملكه إلى الله تعالى، فكما كان ذَلِكَ لا يحتاج فيه إلى قبض مع القول، كذلك الوقف لا يحتاج فيه إلى قبض مع القول، وأيضًا فإن


(١) انظر: "المدونة" ٤/ ٣٤٧.
(٢) "مختصر اختلاف العلماء" ٤/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>