للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث أنس قَالَ الترمذي فيه: حديث حسن مشهور عن حميد (١). قلتُ: وفيه: الأخذ بالشدة واستهلاك الإنسان نفسه في الطاعة.

وفيه: الوفاء بالعهد (لله) (٢) بإهلاك النفس ولا يعارض قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] لأن هؤلاء عاهدوا الله فوفوا مما عاهدوه من العناء في المشركين وأخذوا بالشدة بأن باعوا نفوسهم من الله بالجنة -كما قَالَ تعالى- ألا ترى قول سعد بن معاذ: فما استطعت ما صنع، يريد ما استطعت أن أصف ما صنع من كثرة ما أعيا وأبلى في المشركين (٣).

وقوله: (ليرين الله ما أصنع)، وقال في غزوة أحد: ليرين الله ما (أجد) (٤) -بفتح (٥) الهمزة وضمها وتشديد الدال، وبفتح الهمزة وتخفيف الدال- أي ما أفعل ووقع في مسلم: ليراني الله (٦). بالألف؛ وهو الصحيح -كما قَالَ النووي (٧) - ويكون (ما أصنع): بدلاً من


(١) الترمذي (٣٢٠٠).
(٢) من (ص ١).
(٣) نقل ابن حجر قول المصنف هذا؛ ثم عقب عليه بقوله: وقع عند يزيد بن هارون عن حميد: فقلت: أنا معك. فلم أستطع أن أصنع ما صنع. وظاهره أنه نفى استطاعة إقدامه الذي صدر منه حتى وقع له ما وقع من الصبر على تلك الأهوال بحيث وجد في جسده ما يزيد على الثمانين من طعنة وضربة ورمية، فاعترف سعد بأنه لم يستطع أن يقدم إقدامه، ولا يصنع صنيعه، وهذا أولى مما تأوله ابن بطال. اهـ. "الفتح" ٦/ ٢٣، وانظر الرواية التي أشار إليها، رواية يزيد بن هارون في "جامع الترمذي" (٣٢٠١).
(٤) ورد بهامش الأصل: يقال جد في الأمر يَجِد ويجُد اجتهد، وأجد مثله ثلاثي ورباعي، ذكره الجوهري.
(٥) سيأتي برقم (٤٠٤٨) كتاب: المغازي.
(٦) "صحيح مسلم" (١٩٠٣) كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.
(٧) "شرح مسلم" ١٣/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>