رابعها: قوله: ("أنا النبي لا كذب") كان بعض العلماء يرويه "لا كذبَ" بنصب الباء ليخرجه عن وزن الشعر، حكاه ابن التين، وقد قيل: إنما قيل: أنت النبي لا كذب، أنت ابن عبد المطلب فقال حكايته قولهم "أنا النبي لا كذب".
وفيه: إثبات النبوة، أي: أنا ليس بكاذب فيما أقول، فيجوز عليّ الانهزام، وإنما ينهزم من ليس على يقين من النصرة وهو على خوف من الموت، والشارع على يقين من النصرة مما أوحى الله إليه في كتابه وأعلمه أنه لابد له من كمال هذا الأمر، فمن زعم بعد هذا أنه انهزم فقد رماه بأنه كذب وحي الله أن الله يعصمه، وقد سلف حكمه.
خامسها: إن قلت: نهى عن الافتخار بالآباء وقال هنا ما قال، قلت: عنه قولان:
أحدهما: أنه أشار بذلك إلى رؤية رآها عبد المطلب دالة على نبوته مشهورة عند العرب فأخبر بها قريشًا، فعبرت بأن سيكون له ولد يسود الناس ويهلك أعداؤه على يديه، وكان أمر تلك الرؤيا مشهورة في قريش، فذكرهم بقوله هذا أمر تلك الرؤيا؛ ليقوى بذلك من انهزم من أصحابه فيرجعوا وليثقن بأن الظفر لهم.
ثانيها: أنه أشار بذلك إلى خبر نقل عن سيف بن ذي يزن أنه أخبر عبد المطلب وقت وجوده، وأنه في جماعة قريش وهو أن يكون في ولده.
وعنه: جواب ثالث: لشهرة جده فإنها أكبر من شهرة والده؛ لأنه توفي شابًّا في حياة أبيه، وكان كثيرا ما ينسب إليه عملًا بالعادة في الشهرة؛ ولهذا قال ضمام بن ثعلبة لما وفد عليه قال: أيكم ابن