للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه غيره بصورة الزمان، لكن المتقدم عليه مأخوذ عليه العهد أن يؤمن به وينصره كآحاد أمته وأتباعه، فهم في الصورة أمامه وفي الحقيقة أتباعه وخلفه، قاله ابن المنير (١). وهو معنى مناسب، ولكن البخاري مراده بهذا أن يأتي بصيغة روايته لشيخه الأعرج، فإن أول حديث فيها: "نحن الآخرون" فلذلك أتى به فاعلمه، وقد نبه عليه الداودي أيضًا.

قَالَ الخطابي؟ كانت قريش ومن يليهم من العرب لا يعرفون الإمارة ولا يُطيعون غير رؤساء قبائلهم فلما ولي في الإسلام الأمراء أنكرته نفوسهم وامتنع بعضهم من الطاعة، وإنما قَالَ لهم - صلى الله عليه وسلم - هذا القول ليعلمهم أن طاعة الأمراء مربوطة بطاعته، وأن من عصاهم عصى أمره؛ ليطاوعوا الأمراء الذين كان يوليهم عليهم، وإذا كان إنما وجبت طاعتهم لطاعة رسول الله، فخليق ألا يكون طاعة من كان مخالفُ الرسول الله فيما يأمره واجبة (٢)، وليس هذا الأمر خاصًّا بمن باشره الشارع بتولية الإمام به -كما نبه عليه القرطبي- بل هو عام في كل أمير عدل للمسلمين، ويلزم منه نقيض ذَلِكَ في المخالفة والمعصية (٣).

وقوله: ("إنما الإمام جنة") بضم الجيم: الدرع، وسمي المجن: مجنًا؛ لأنه يستتر به عند القتال، فالإمام كالساتر؛ لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعض.

ومعنى: ("يقاتل من ورائه") أي: يقاتل معه الكفار والبغاة وسائر أهل الفساد، فإن لم يقاتل من ورائه وأتي عليه مرج أمر الناس، وأكل


(١) "المتواري" ص ١٥٩.
(٢) "أعلام الحديث" ٢/ ١٤٢٠ - ١٤٢١.
(٣) "المفهم" ٤/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>