للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القوي الضعيف، وضيعت الحدود والفروض، وتطاول أهل الحرب إلى المسلمين.

والياء في قوله: ("يتقي به") مبدلة من الواو؛ لأن أصلها من الوقاية ومعنى: "يتقي به": يدفع به الظلم.

وفيه: الدليل أن ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف بأن من أطاعهم في أمر ثم تبين له خطؤهم في ما أمروه من ذَلِكَ أنه معذور، وأن التبعة على الآمر، وهو شبيه مما قاله الشعبي، كما سلف. قَالَ الخطابي: ويحتمل أن يكون أراد به جُنَّة في القتال وفيما يكون منه في أمره دون غيره (١). وقال الهروي: معنى: "الإمام جُنة" أنه يقي الإمام الزلل والسهو كما يقي الترس صاحبه من وقع السلاح.

وقال المهلب: معنى: "يتقي به" يرجع إليه في الرأي والفعل وغير ذَلِكَ مما لا يجب أن يقضى فيه إلا برأي الإمام وحكمه، ويتقي به الخطأ في الدين والعمل من الشبهات وغيرها، والإمام جنة بين الناس بعضهم من بعض؛ لأن بالسلطان يزع الله تعالى عن المستضعفين من الناس، فهو ستر لهم وحرز للأموال وسائر حرمات المؤمنين أن تنتهك.

وقال غيره: تأويل: "يقاتل من ورائه" عند العلماء على الخصوص وهو في الإمام العدل خاصة، فمن خرج عليه وجب على جميع المسلمين قتاله مع الإمام العدل نصرة له، إلا أن يرى الإمام أن يفعل ما فعل عثمان؛ فطاعة الإمام واجبة، إلا أن الخارجين عليه إن قتلوه في غير قتال اجتمعت فيه الفئتان للقتال، أو قتلوا غيره فإن القصاص يلزمهم، بخلاف قتلهم لأحد في حال الملاقاة للفئتين، ولذلك


(١) "أعلام الحديث" ٢/ ١٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>