ثم ذكر فيه حديث عمر من طريقين عنه في فرسه، وقوله - عليه السلام -: "وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ". وقد سلف.
وحديث أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سريةٍ، ولكن لَا أَجِدُ حَمُولَةً، وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ، وَيَشُقُّ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَلَوَدِدْتُ أَنَي قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَقُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ ثُمَّ قُتِلْتُ، ثُمَّ أُحْيِيتُ".
الشرح:
ما أراده ابن عمر - رضي الله عنهما - هو على ما وصفه ولو مع الغنى، وليس من الزكاة، وما قاله والده ظاهر؛ لأنه إنما أعطي على الخروج ولم يؤخذ، وكان ابن المسيب يقول إذا أعطي الإنسان شيئًا في الغزو: إذا بلغت رأس مغزاك فهو لك.
وقول طاوس ومجاهد:(فاصنع به ما شئت). معناه: إذا تم ما أعطي عليه مضى فعله فيه، وهذِه أقوال متقاربة.
وأراد البخاري بالجعائل أن يخرج الرجل شيئًا من ماله يتطوع به في سبيل الله كما فعل ابن عمر، أو يعين به من لا مال له من الغازين، كالفرس الذي حمل عليه عمر في سبيل الله وهو حسن مرغب فيه، وليس من باب الجعائل التي كرهها العلماء، فقال مالك: أكره أن يؤاجر الرجل نفسه أو فرسه في سبيل الله. وكره أن يعطيه الوالي الجعل على أن يتقدم إلى الحصين، ولا تكره الجعائل لأهل العطاء؛ لأن العطاء مأخوذ على هذا الوجه.
قَالَ مالك: لا بأس بالجعائل في البعوث، لم يزل الناس يتجاعلون عندنا بالمدينة يجعل القاعد للخارج إذا كانوا من أهل ديوان واحد؛ لأن