للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا بأس بتعليق التمائم والخرز الذي فيها الدعاء والرقى بالقرآن عند جميع العلماء (١)؛ لأن ذَلِكَ من التعوذ بأسمائه، وقد سُئل عيسى بن دينار عن قلادة ملونة فيها خرز يعلقها الرجل على فرسه للجمال فقال: لا بأس بذلك إذا لم تجعل للعين (٢).

قَالَ أبو عبد الملك: وقول غيره أحسن. قَالَ المهلب: وإنما تجعل القلائد من وتر لقوتها وبقائها فخصها - صلى الله عليه وسلم -، ثم عم سائر القلائد بقوله: "ولا قلادة إلا قطعت" فأطلق النهي على (جميع) (٣) ما تقلد به الدواب، وقد سُئل مالك عن القلادة فقال: ما سمعت بكراهته إلا في الوتر. يعني: أوتار القسي. قَالَ أبو عبيد: وإنما نهى عن التقليد بالأوتار؛ لأن الدواب تتأذى بذلك ويضيق عليها نفسها ورعيها، وربما تعلق ذَلِكَ بشجرة فتختنق فتموت، أو تمتنع من السير كما جرى لناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين احتبست، وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قلدوها الحبل ولا تقلدوها الأوتار" وفسره وكيع فقال: هذا ليس من قلائد الإبل المذكورة، ومعناه: لا تركبوها في


(١) بل فيها خلاف قديم، فأجاز ذلك عائشة وأبو جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف؛ ومنعه عبد الله بن عكيم، وابن عمر وابن العاص، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة، ومن بعدهم كإبراهيم النخعي القائل: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن.
انظر نحو هذِه الآثار في ابن أبي شيبة ٥/ ٣٤ (٢٣٤٤٦ - ٢٣٤٦٦).
وانظر "فتح المجيد" ص ١٠٠، "معارج القبول" ٢/ ٥١٠.
قال الشيخ الحكمي: ولاشك أن منع ذلك سد لذريعة الاعتقاد المحظورة لاسيما في زماننا هذا فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال؛ فلأن يكره في وقتنا هذا وقت الفتن والمحن أولى وأجدر بذلك.
(٢) انظر: "المنتقى" ٧/ ٢٥٥.
(٣) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>