للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن جرمه بعد ما اطلع عليه من فعله، وهذا نظير الخبر الذي روته عمرة، عن عائشة - رضي الله عنها -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا حدًّا من حدود الله" (١).

فإن ظن ظان أن صفحه إنما كان لما أعلمه الله من صدقهم، ولا يجوز لمن بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعلم ذلك فقد ظن خطأ؛ لأن أحكام الله في عباده إنما تجري على ما ظهر منهم وقد أخبر الله سبحانه نبيه عن المنافقين الذين كانوا بين ظهراني أصحابه مقيمين معتقدين الكفر، وعرفه (إياهم) (٢) بأعيانهم ثم لم يبح له قتلهم وسبيهم إذ كانوا يظهرون الإسلام بألسنتهم، فكذلك الحكم في كل أحد من خلق الله أن يؤخذ مما ظهر لا مما يظن، وقد روي مثل ذلك عن الأئمة، وروى الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي منصور قال: بلغ عمر بن الخطاب أن عامله على البحرين أتى برجل قامت عليه بينة أنه كان عدوًّا للمسلمين بعورتهم، وكان اسمه ضرياس، فضرب عنقه وهو يقول: يا عمراه، يا عمراه. فكتب عمر إلى عامله يقدم عليه، فجلس له عمر وبيده حربة، فلما دخل عليه (على بجبينه) (٣) بالحربة وجعل يقول: أضرياس لبيك، أضرياس لبيك. فقال له عامله: يا أمير المؤمنين، إنه كاتبهم بعورة المسلمين وهم أن يلحق بهم. فقال له عمر: وقتله على هذِه وأينا لم يهم لولا أن تكون سنة (لقتلتك) (٤).

وقول البخاري: (التجسس: التبحث) قد سلف الكلام عليه أول الكتاب.


(١) رواه أبو داود (٤٣٧٥)، وأحمد ٦/ ١٨١، وصححه ابن حبان (٢٩٦)، والألباني في "صحيح الجامع" (١١٨٤).
(٢) من (ص ١).
(٣) في (ص ١): فجعل يخنسه.
(٤) في (ص ١): لصلبتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>