للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على فداء يؤخذ منه فتقوية لهم. وقال الضحاك: قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} ناسخًا لقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (١)، ويروى مثله عن ابن عمر (٢) وقال: أليس بهذا أمرنا الله، قَالَ تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] وهو قول عطاء (٣) والشعبي والحسن البصري كرهوا قتل الأسير، وقالوا: مُنَّ عليه أو فاده، وبمثل هذا استدل الطحاوي فقال: ظاهر الآية يقتضي السنن أو الفداء ويمنع القتل (٤). قالوا: ولو كان لنا من قتلهم بعد الإثخان

والأسار ما لنا قتله لم يفهم قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] فدل أن حكم الكافر بعد الاستيثاق والأسر خلاف حكمه قبل ذلك.

قَالَ أبو عبيد: والقول عندنا في ذَلِكَ أن الآيات جميعًا محكمات لا منسوخ فيهن، يبين ذَلِكَ ما كان من أحكام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماضية فيهم، وذلك أنه عمل بالآيات كلها من القتل والمن والفداء حَتَّى توفاه الله -عَزَّ وَجَلَّ- على ذَلِكَ، فكان أول أحكامه فيهم يوم بدر فعمل بها كلها يومئذ، بدأ بالقتل فقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث في قفوله، ثم قدم المدينة فحكم في سائرهم بالفداء، ثم حكم يوم الخندق سعد بن معاذ فقتل المقاتلة وسبي الذرية، فصوَّبه - صلى الله عليه وسلم - وأمضاه، ثم كانت غزاة بني المصطلق وهي جويرية بنت الحارث فاستحياهم جميعًا وأعتقهم، ثم كان فتح مكة فأمر بقتل ابن خطل


(١) الطبري ١١/ ٣٠٦.
(٢) السابق ١١/ ٣٠٧.
(٣) السابق.
(٤) "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>